لشراء التذاكر
ar
لشراء التذاكر
arrow ar
السلوكيات وعلم النفس أخبار العلوم

القَبول الاجتماعيّ لتعزيز شعورٍ أفضل

كلّ شيء نسبيّ: يبدو أنّ شعورنا بالصّحّة العقليّة يتأثّر بموقعنا على السلم الاجتماعيّ، وأنّه ليس كافيًا أن نكون ناجحين - سوف نشعر بصورة أفضل إذا كان الآخرون أقلّ منا.
Getting your Trinity Audio player ready...

إلى أيّ مدى يعتمد رضانا عن الحياة على وضعنا الاجتماعيّ؟ الإنسان كائن اجتماعيّ، وفي كل ّمجتمع أو جماعة هناك أشخاص يشغلون مكانة مركزيّة أكثر من غيرهم، أي أن مكانتهم الاجتماعيّة عالية. تشكّل المقارنات الاجتماعيّة جزءًا لا يتجزّأ من المجتمع البشريّ، ويتوسّع تأثيرها هذه الأيّام، حيث يقيس الناس قيمتهم من خلال الإعجابات، الألقاب أو المناصب. إذا كان الوضع الاجتماعيّ يؤثّر على سعادتنا، فإنّ الشعور بأنّنا “أقلّ” من الآخرين قد يكون له أثر نفسيّ غير بسيط.

الرِّفاه (Well-being) هي الطّريقة التي نختبر بها حياتنا ونقيّمها – وهي المشاعر الإيجابيّة والسّلبيّة التي نختبرها ومدى رضانا عن حياتنا بشكل عامّ. يتأثّر هذا الشّعور بعوامل مثل العلاقات، النّجاحات الشّخصيّة، الشّعور بالقيمة، الصحة الجسديّة والمكانة الاجتماعيّة. يستخدم مؤشّر الرّفاه لتقييم الصّحّة العقليّة والسّعادة، وعلى الرّغم من أنّه مرتبط في المقام الأول بالعقل، إلّا أنّه يؤثّر أيضًا على صحّتنا وطول عمرنا. ويستخدم علماء النّفس هذه البيانات لتقييم مشاعر المرضى تجاه حياتهم، كما يستخدمها صنّاع السّياسات لقياس صحّة المجتمعات وآثار السّياسات الاجتماعيّة.

في عام 1984، قدّم عالِم النَّفس إد دينر (Diener) لأوّل مرّة نموذج الرّفاه. وأوضح أنّ كيفيّة إدراكنا لجودة حياتنا تتكوّن من ثلاثة عوامل: تكرار المشاعر الإيجابيّة الّتي نختبرها، التجارب العرضيّة للمشاعر السّلبيّة، ورضانا العامّ عن الحياة. وهذه بدورها تتأثّر بمجموعة متنوّعة من العوامل البيئيّة والدّاخليّة، مثل توافر الموارد الأساسيّة مثل الغذاء، الشّخصيّة وسمات الشّخصيّة، وجود دوائر اجتماعيّة داعمة، أنماط التّفكير، الشّعور بالكفاءة وخصائص المجتمع الّذي نعيش فيه.

توصّلت الدّراسات أيضًا إلى وجود علاقة بين المكانة الاجتماعيّة للشّخص، أي موقعه على السلم الاجتماعيّ مقارنةٍ بالأشخاص الآخرين وشعوره بالرّفاه النّفسيّ. مع ذلك، فقد واجهوا صعوبة في تحديد ما إذا كانت هذه العلاقة سببيّة. بمعنى آخر، من الممكن أن تنبع العلاقة من عامل آخر، مثل درجة ثقة الشّخص بنفسه، ممّا يؤثّر على وضعه الاجتماعيّ والرفّاه النّفسيّ. هناك احتمال آخر وهو أنّ الرّفاه يؤثّر على مكانة الشّخص على السّلم الاجتماعيّ، وليس العكس. توصّلت دراسة أُجريت عام 2012 إلى أنّ وضعنا الاجتماعيّ يؤثّر على مستوى رفاهنا، لكنّ الأبحاث اللاحقة فشلت في تكرار هذه النّتيجة.

מחקרים מצאו שקיים קשר בין המיקום של אדם בסולם החברתי בהשוואה לאנשים אחרים, ובין תחושת הרווחה הנפשית. קוביות משחק המייצגות רווחה נפשית | 3rdtimeluckystudio, Shutterstock
توصّلت الدّراسات إلى وجود علاقة بين مكانة الشخص على السلم الاجتماعيّ مقارنةً بالآخرين وشعوره بالرّفاه النّفسيّ. مكعّبات النّرد تمثّل الرّفاه النّفسيّ | 3rdtimeluckystudio, Shutterstock

كلّ شيء نسبيّ

حاولت دراسة جديدة أن تفحص مرّة أخرى ما إذا كانت مكانة الشخص في المجتمع تؤثّر على مستوى الرّفاه النّفسيّ. وشمل الجزء الأوّل من الدّراسة 230 طالبًا، قُسموا إلى مجموعات من خمسة طلّاب. في البداية، جلس كلّ مشارك أمام جهاز حاسوب وأجاب على استبيانات التّعرّف على الشّخصيّة وتحديد العواطف. وقد عُرض على كلّ مشارك بعد ذلك ملخّص خاطئ لنتائج استبيان أعضاء المجموعة الآخرين. وبناءً على ذلك، طُلب منه تقييم حالة كلّ عضو في المجموعة، وقيل للمشاركين إنّ هذه التّقييمات ستساعد في تحديد من سوف يقود المجموعة في نشاط المتابعة، وهو ما لم يحدث بالفعل.

لم يحصل المشاركون على نتائج الاستبيانات التي قاموا بتعبئتها بأنفسهم. وبدلًا من ذلك، أُعطوا ردود فعل خاطئة حول مكانتهم في المجموعة، وأنّ أعضاء مجموعتهم أعطوهم تقييمًا اجتماعيًا منخفضًا (4 على مقياس من 1 إلى 7)، أو تقييمًا اجتماعيًا مرتفعاً (6 على نفس المقياس). وقيل لهم أيضًا أنّ متوسط ​​حالة بقيّة أعضاء المجموعة كان 4 (منخفض) أو 6 (مرتفع). وقد أدّى هذا إلى خلق أربع حالات محتملة: مكانة شخصيّة عالية أو منخفضة، ضمن مجموعة يتمتّع أعضاؤها بمكانة عالية أو منخفضة. وطُلب منهم بعد ذلك الإجابة على استبيانات لتقييم صحّتهم العقليّة – مدى شعورهم بالرّضا عن أنفسهم.

تبيّن أنّ المشاركين أفادوا بتحسّن صحّتهم العقليّة عندما اعتقدوا أنّ مكانتهم الاجتماعيّة مرتفعة. وعلاوةً على ذلك، تتحسّن تقاريرهم إذا نسبوا إلى أعضاء مجموعتهم مكانة أدنى من مكانتهم. كما عُثر على حالة معاكسة: عندما كان الوضع الاجتماعيّ لزملائهم في الفريق أعلى من وضعهم، فإنّهم يعانون من انخفاض كبير في صحّتهم العقليّة. وهذا يعني أنّ هناك علاقة سببيّة بين المكانة الاجتماعيّة والصّحّة النّفسيّة.

في المرحلة التّالية، الّتي شارك فيها 405 طلابًا، سعى الباحثون إلى دراسة ما إذا كان تعزيز الشّعور بقيمة الذات من شأنه أن يخفّف من التّأثير السّلبيّ للوضع الاجتماعيّ المنخفض على الشّعور بالرفاهيّة. ولتحقيق هذه الغاية، قبل تقديم ردود الفعل حول المكانة الاجتماعيّة، طُلب من بعض المشاركين القيام بتمرين لتعزيز احترامهم لذاتهم – اختاروا ثلاث قيم مهمة بالنسبة لهم وشرحوا أهمّيّتها. وطلب من المشاركين المتبقّين، الّذين عملوا كمجموعة ضابطة، اختيار القيم الثّلاث الأقلّ أهمّيّة بالنّسبة لهم، وشرح سبب أهمّيّتها لشخص آخر.

وتبيّن أنّه في أغلب الحالات، لم يكن للشّعور بقيمة الذّات أي تأثير على الرّفاه. ولم يحدث تحسّن في صحّتهم العقليّة مقارنة بمجموعة المراقبة، إلّا عندما كانت المكانة الاجتماعية للمشارك وأعضاء مجموعته مرتفعة. بكلماتٍ أخرى، يبدو أنّه عندما يؤمن الشّخص بنفسه، فإنّه يستطيع أن يكون أقلّ قدرة على المنافسة ويشعر برفاهية عقليّة أكبر، حتّى عندما يكون محاطًا بأشخاص ليسوا أقلّ منه مكانة.

خَلُص الباحثون إلى أنّ الرّفاه النّفسيّ للإنسان يتأثّر ليس فقط بمكانته الخاصّة، بل أيضًا بمكانة الآخرين، وأنّ تأثيرات الوضع الاجتماعيّ على الصّحّة النّفسيّة محصّنة إلى حدّ كبير ضدّ التّلاعب بتعزيز احترام الذّات. وسوف تحتاج دراسات أخرى إلى فحص ما إذا كانت النّتائج تنطبق أيضًا على مجموعات أخرى، حيث كان جميع المشاركين في الدراسة طلابًا مقيمين في الولايات المتّحدة، وما إذا كانت المكانة الاجتماعيّة مهمّة بنفس القدر، وصالحة أيضًا في الظّروف الطّبيعيّة خارج المختبر.

من المهمّ أيضًا أن نتذكّر أنّ هناك مجموعة واسعة من الطّرق لتحسين الشّعور بالرّفاه العقليّة. على سبيل المثال، من الممكن الاستعانة بتقنيّات مثل اليقظة الكاملة (mindfulness)، الّتي تركّز الأفكار على الحاضر، ومناهج السلوكيّة المعرفيّة الّتي تساعد على تحديد أنماط التّفكير التّلقائيّة السّلبيّة واستبدالها بأنماط أكثر إيجابيّة ومفيدة. إنّ بناء العلاقات الإيجابيّة، النّشاط البدنيّ، ممارسة الامتنان، وتحديد أهداف شخصيّة ذات معنى من شأنه أن يؤثّر أيضًا على مشاعر الرّفاه والرّضا عن الحياة ويحسّنها.

Additional content that may interest you

هل الاضطرابات النفسيّة مرتبطة بصدمات الطفولة؟

ما سبب الاضطراب النفسيّ – هل نابعٌ من الوراثة، البيئة أم من كليهما؟ قامت دراسة جديدة بمسح عشرات الآلاف من التوائم وحاولت الوصول إلى إجابة

calendar 14.10.2024
reading-time 5 دقائق

بقبضة حديديّة وذراع جديدة

قام العلماء بدراسة آليّة تجدّد الأعضاء المبتورة في نجم البحر الثعبانيّ، ووجدوا أنّ هذه الآليّة قد نشأت، على الأرجح، قبل مئات الملايين من السنين، لدى سلف مشترك للعديد من الأنواع المختلفة

calendar 29.10.2025
reading-time 4 دقائق

العنكبوت الّذي يُصغي ويرمي خيوطه ليصطاد فريسته

يرسل عنكبوت المقلاع شبكته لاصطياد فريسته، ويتعرّف إلى الحشرات الطّائرة من خلال الاهتزازات الّتي يولّدها طنين أجنحتها

calendar 23.3.2025
reading-time 5 دقائق