لشراء التذاكر
ar
لشراء التذاكر
arrow ar
علم الأحياء أخبار العلوم

هل هذا روبوت؟ أم أنّه حشرة؟ بل كلاهما!

نجح باحثون من اليابان وإندونيسيا في تطوير جيل جديد من صراصير السايبورغ الّتي تجمع بين تقانة النّانو (Nanotechnology) والقدرات الطبيعيّة للحشرات
Getting your Trinity Audio player ready...

عندما انهار مبنىً سكنيّ بأكمله جراء الزّلزال القويّ في طوكيو، حوصرت عائلة “يوشيدا” تحت أنقاض شقَّتهم في الطّابق الأرضيّ، عاجزينَ عن الحركة أو التّواصل مع العالم من حولهم، في حين سيطر عليهم الخوف من موت بطيء ومؤلِم. إذا لم يكن الشّعور بالاختناق والرعب كافيًا، فقد كان عليهم التّعامل مع الصّراصير الّتي بدأت تزحف حولهم وعليهم. لم يدرِكوا حينها أنّ هذه الصّراصير ستكون خلاصهم، فبعد ساعات قليلة من وقوع الكارثة، تمكّنت قوات الإنقاذ من الوصول إليهم، وكانوا على دراية تامَّة بعدد المحاصرين الأحياء الّذين كانوا يبحثون عنهم وعنهويّاتهم، ممّا سمح لهم بتحديد أولويّات الإنقاذ بدقَّة.

لا يزال هذا السّيناريو خياليًّا، لكنّ تحقيقه أصبح أقرب إلى الواقع بفضل التّطوّرات الأخيرة لصراصير السّايبورغ – وهي هجين بين حشرة حيّة و شريحة حاسوبيّة صغيرة. يهدف هذا الابتكار إلى تمكين الباحثين من توجيه الصّراصير و الاستفادة من قدرتها المذهلة على الحركة، كما يمكنهم أيضًا جمع المعلومات حول البيئة باستخدام أجهزة الاستشعار الّتي تحملها الحشرات. يمكن لهذه حشرات السايبورغ أن تساهم في عمليّات الإنقاذ، عبر تحديد موقع النّاجين في مواقع الكوارث، في الأماكن الّتي يصعب على البشر الوصول إليها، حتّى في ظلّ الظّروف القاسية. يمكن أيضًا استخدامها في الزراعة، من التّلقيح إلى مكافحة الآفات، وحتّى في عمليّات الاستخبارات والتّجسّس، حيث يمكن لذبابةٍ على جدار غرفة اجتماعات سرّيّة، أن تنقل محتوى الاجتماع إلى من لا يُفترض أن يكونوا على دراية بذلك.

مؤخّرًا، نجح باحثون من جامعة أوساكا في اليابان وجامعة ديبونيغورو في إندونيسيا، في ربط رقائق إلكترونيّة بالجهاز العصبيّ لصراصير الفحّاح المدغشقريّ (Gromphadorhina portentosa). يهدف الباحثون من تسخير قدرات الصّراصير الطّبيعيّة على القفز والتّسلّق، مع التّحكّم في توجيهها للذّهاب لمكان معيّن، بواسطة الرّقائق. مع ذلك، تحتفظ الصّراصير بحُرّيّة اختيار المسار بنفسها، على سبيل المثال، يمكنها أن تختار الالتفاف حول عقبة أو التّسلّق فوقها، مستندةً إلى قدراتها الطّبيعيّة، الّتي تطوَّرت على مدى مئات الملايين من السّنين.

 

מחילוץ, דרך חקלאות ועד ביון. תיקן סייבורג נושא את המערכת שפותחה במחקר החדש | צילום: Mochammad Ariyanto, Diponegoro University
من الإنقاذ، مرورًا بالزّراعة إلى التّجسُّس. صرصور سايبورغ يحمل الجهاز الّذي طُوّر في البحث الجديد | تصوير: Mochammad Ariyanto, Diponegoro University

مسارُ العوائِق

يتضمَّن الجهاز المتّصل بالصّراصير مجموعة من أجهزة الاستشعار لقياس درجة الحرارة والرّطوبة وغيرها، إلى جانب أجهزة أخرى مرتبطة بشكل مباشر بحركة الحشرة، مثل أجهزة استشعار الحركة. يُطلق على هذا النّظام اسم BIOBBN، وهو اختصار لـ “الملاحة القائِمة على السّلوك الحيويّ الهجين” (biohybrid behavior-based navigation). في دراسة نُشرت مؤخّرًا، أفاد فريق البحث أنّهم اختبروا نموذجَيْن من هذا الجهاز: الأوّل مصمّم لظروف تضاريس مريحة، أمّا الآخر مخصّص لبيئاتٍ أكثر تحدّيًا. كتب الباحثون: “يُتيح أحدهما استخدام حزمة إلكترونيّة أكثر تعقيدًا وأثقل وزنًا، بينما يتطلّب النّظام الآخر أن يكون أصغر حجمًا وأخفّ وزنًا، ومناسبًا للتنقّل في التّضاريس الصّعبة”. 

فحص الباحثون في هذه الدراسة قدرة الصّراصير السّايبورغية على التّنقّل عبر مسار رمليّ يتضمّن عوائق حجريّة وخشبيّة. اقتصر تحكّم الباحثين على تحديد وجهة التّنقّل، بواسطة الأقطاب الكهربائيّة المتّصلة بالجهاز العصبيّ للصّرصور، بينما تُركت للصّراصير حرّيّة التّعامل مع العوائق بنفسها وتحديد كيفيّة تجاوزها. شملت هذه التّحدّيات، التّدحرج دون مساعدة إذا سقطوا على ظهورهم بسبب وزن الجهاز الّذي كانوا يحملونَه. كتب الباحثون في ورقتهم البحثيّة: “اعتمدت الخوارزميّة على السّلوك الطّبيعيّ للصّراصير، مثل المشي على طول الجدران أو تسلقّها، للتنقّل حول العوائِق أو فوقها”. أظهرت النّتائج أنّ الصّراصير نجحت أيضًا في التّغلّب على مسار مليء بالعقبات لم يسبق لها أن واجهته من قبل.

להשתמש ביכולות הטבעיות של התיקנים לעבור מעל המכשולים או סביבם. מסלול המכשולים ששימש בניסוי | צילום: Mochammad Ariyanto, Diponegoro University
استخدام قدرات الصّراصير الطّبيعيّة للتّحرّك فوق العوائِق أو حولها. مسار العوائِق المستخدم في التّجربة | تصوير: Mochammad Ariyanto, Diponegoro University

فكّر ببساطَة

إنّ الصّراصير السّايبورغيّة الّتي طُوِّرت في الدّراسة الحاليّة ليست الأولى من نوعها، إذ يعمل العلماء حول العالم منذ أكثر من ثلاثة عقود على تطوير الكائنات السّايبورغيّة – وهي هجين بين كائن حيّ ونظام روبوتيّ، مصمّم للحصول على أقصى استفادة من كلا العالمَيْن، البيولوجيّ والتّكنولوجيّ. لقد شهد مجال التّكنولوجيا تحسّنًا كبيرًا على مرّ السّنين، ويعزى ذلك جزئيًّا إلى تصغير حجم العديد من الالكترونيات، والتّقدّم في تقنيّات الرّبط بين أجهزة الحواسيب والأنظمة العصبيّة. أُجريت معظم الأبحاث الّتي تناولت الكائِنات السّايبورغيّة على الحشرات، وذلك بفضل الجمع بين الحركة المثيرة للإعجاب، وجهازها العصبيّ البسيط نسبيًّا، والتّوافر والرّاحة في العمل مع الحشرات، والّذي لا ينطوي على القيود الأخلاقيّة الّتي تنطبق على العمل مع الثّدييات، على سبيل المثال.

أُختيرت الصّراصير بسبب حجم جسمها الّذي يُتيح لها حمل وزن كبير نسبيًّا، وقدرتھا على المرور عبر فتحات صغيرة، والبقاء على قيد الحياة حتّى في الظّروف القاسية. لم يقتصر عمل الباحثون على تطوير أنظمة إلكترونيّة صغيرة تسمح بالسيطرة على الصّراصير واستغلال قدراتها، بل طوّروا أيضًا أنظمة إنتاج الطّاقة الشّمسيّة الّتي يمكنها توفير الكهرباء لهذه الأجهزة وإطالة فترة تشغيلها.

يأمل الباحثون في الدّراسة الحاليّة أن تتمكّن الصّراصير السّايبورغيّة من اجتياز مرحلة التّجارب المخبريّة والانتقال إلى العالم الحقيقي. صرّح قائد فريق البحث كايسوكي موريشيما (Keisuke Morishima): “أعتقد أنّ حشرات السّايبورغ الّتي طوّرناها قادرة على إنجاز المهام بمجهود وطاقة أقلّ من الرّوبوتات الميكانيكيّة بالكامل”. وأضاف أن نظام الملاحة الحيويّ-الهجين المستقلّ يتغلّب على مشاكل قد واجهتْها الرّوبوتات، مثل التّعامل مع السّقوط، ممّا يشكّل خطوةً مهمّة نحو تطبيق هذه التّكنولوجيا في الحياة الواقعيّة والبرّيّة.

يسعى الباحثون إلى توسيع نطاق استخدامات الحشرات السّايبورغيّة: بالإضافة إلى العمل في مواقع الكوارث، مثل تحديد مواقع النّاجين، يمكن توظيفها في بيئات قاسية أُخرى، بما في ذلك البيئات الّتي تُعاني من نقص الأكسجين، وحتّى في أعماق البحار أو في الرّحلات الفضائيّة. كذلك، هناك خطط لاستخدام الحشرات السّايبورغيّة في الأبحاث الأثريّة، بفضل قدرتها على التّسلّل عبر فتحات صغيرة، وتوجيه الباحثين أثناء عمليّات الحفريّات.

Additional content that may interest you

الكائن الذي أوقف ساعته البيولوجية

دراسة تتوصّل إلى كيف تتوقّف عملية الشيخوخة في الحيوان البرمائيّ سمندل المكسيك (الأكسولوتل) بشكل شبه كامل

calendar 22.6.2025
reading-time 2 دقائق

رغم نجاح عمليّة الزّراعة، لم يستعِد المريضُ بصَرَه

بعدَ أكثرِ من عام ونصف على أوّل عمليّة زراعة عين كاملة في التّاريخ، رغم نجاح جسم المريض في تقبُّل العين المزروعة وظهور مؤشّراتٍ حيويّة إيجابيّة، إلّا أنَّ المريض لم يستعد قدرته على الرؤيّة في العين المزروعة.

calendar 25.3.2025
reading-time 3 دقائق

تضاؤل كمية الأكسجين في المحيطات

الآثار السّلبيّة المُقلِقة لِتضاؤل كمّيّة الأُكسجين في المحيطات

calendar 26.2.2025
reading-time 5 دقائق