إِذَا ظننتُم أَنَّ الكلب خائف في الصُّورة المتحرِّكة الَّذي يظهر فيها أَمام المَكنسة الكهربائيَّة، وسعيد عندما يرى الحِزام الَّذِي يُوحي بالنُّزهة – أَنتم لستم وحدكم. في دراسة نُشِرَتْ مؤخَّرًا، اعتقد مئات من المُشاركين الَّذين شاهدوا نُسخًا أَطْوَل من هذه الفيديوهات نفس الشَّيء. لكن إِذا تمعَّنتم جيّدًا، ستُلاحظون أَنَّ الكلب يتصرَّف بطريقة متشابهة جدًّا في كِلا الصُّورتَيْن – بَلْ متطابقة تمامًا، حيث تمَّ قصُّهما من نفس الفيديو. من خلال خدعِ التَّحرير، أظهر الباحثون أَنَّ النَّاس يجدون صعوبة في قراءة لغة الجسد أَو تعابير الوجه لدى الكلاب، وبدل من ذلك يعتمدون على مُؤَشِّرات خارجيَّة مثل المَكنسة الكهربائيَّة أو الحِزام.
“بقعةٌ عمياء حول الكلب نفسه”
جاءتْ فكرة البحث في ذهن هولِي مولينارو (Molinaro) من جامعة أَريزونا ستيت أَثناء جائحة الكُورونا، حين كانت، مثلنا جميعًا، تجري اجتماعات عبر الزُّووم. حيث يُوفِّر البرنامج للمُستخدمين تشويش الخلفيَّة للمتحدِّث، مع إِبقاء الشَّخص نفسِهِ في بُؤْرة التَّركيز. أَدركتْ مولينارو حينها أَنَّه يمكنُها استخدام طريقة مشابهة لفصل خلفيَّة الكلب، بما في ذلك العوامل التي تسبَّبَت في سلوكه، عن الكلب نفسه.
خلال زيارةٍ لها لوالديها، قامت مولينارو بتصوير كلبهم، أُوليفر، وهو يتفاعل مع مختلف المُحفِّزات. البعضُ منها كان يهدف إلى إثارة ردود فعل إِيجابيَّة، مثل عندما أَعطى والد مولينارو للكلب لُعبَة، ولعبَ معه، ومدحه أَو أَراه الحزام، ممَّا يدلّ على أَنَّهم سيذهبون في نزهة. بينما أَدَّت محفّزات أُخرى إلى ردود فعل سلبيَّة: قام المالك بمعاتبة الكلب، وقرَّب إِليه المَكنسة الكهربائيَّة التي تُخيف عدة كلاب، أو شريط القياس، الذي لا يُعرف بشكل خاصّ كأَداة يكرهها الكلاب، لكن يظهر أَنَّ أُوليفر كان لديه شيء ضدَّه.
في التَّجربة الأولى، عرضت مولينارو ومُشرفها للدكتوراه، كلايف وين (Wynne)، على عدَّة مئات من الطّلّاب مقاطع الفيديو لأُوليفر. عُرِض بعض مقاطع الفيديو مع الخلفيَّة الّتي تظهر المالك وهو يُعرض مُحفِّزًا إِيجابيًّا أو سلبيًّا، بينما عُرِض البعض الآخر من المقاطع بدون الخلفيّة. طلبوا من الطّلّاب تحديد ما إِذا كانت المشاعر الّتي يشعر بها الكلب في الفيديو إيجابيَّة أم سلبيَّة. عندما كانت الخلفيّة موجودة في الفيديو، لم يجد المشارِكون صعوبة في التَّمييز بين المواقف الإِيجابيَّة والسلبيَّة، لكن عندما تمَّت إزالة الخلفية، لم يتمكَّنوا من التَّمييز بينهما على الإِطلاق.
في الجزء الثَّاني من البحث، استخدم الباحثون مقاطع فيديو مُماثِلة لتلك التي استُخرِجت الصُّور المتحرِّكة منها: فصلوا الكلب عن المالِك ثُمَّ دمجوهما معًا. في بعض المقاطع، كانت حركة المالِك تتماشى مع ردّ فعل الكلب على نفس الحركة، وأَحيانا كانت تترافق مع ردّ فعل مُخالف، مثلا: المَكنسة الكهربائيَّة مع الكلب وهو يتفاعل مع الحِزام. في جميعِ المقاطع التي أظهرتْ مواقف إيجابيَّة، استنتج المُشاركون أَنَّ سُلوك الكلب كان إِيجابيًّا، حتى وإِنْ كان في الحقيقة مأخوذًا من موقف سلبي.
“لا يوجد أَيّ دليل على أَنَّ النَّاس يروْن الكلب بشكل حقيقيٍّ”، قال وَينْ في مقابلة مع نيويورك تايمز. “كأَنَّهُم لديهم بُقعة عمياء كبيرة حوْل الكلب نفسه”.