عندما كنت صغيرًا، كان كلّ شيء أبسط بكثير. صحيح أنّ الأجسام كانت تطمحُ إلى الوصولِ إلى مركز الأرض، ولكن لو كانت لديكم قوّة إرادة كافية، لكان من الممكن أن تقوموا بأشياء رائعة – أن تطيروا مثلًا. لم تكن هناك كلّ هذه القوانين المقيِّدة الّتي يظنّ شباب أيامنا هذه بأنّها قوانين الطّبيعة. لا قوانين ولا من يحزنون! وهل تعلمون من المسؤول عن دمار كلّ ذلك؟ عالِم متغطرس اسمُه إسحاق نيوتن وكتابه الشّرير “المبادئ الرّياضيّة للفلسفة الطبيعيّة“.
أحيانًا أحسدكم، أيّها الشّباب والشّابّات، ممّن وُلدتم في القرن العشرين والقرن الحادي والعشرين؛ لديكم كل أنواع الإنترنت والبوكيمون وأواني التّفلون والقوانين والأنظمة الّتي تبقيكم على الأرض. أعترف أنّ هناك مزايا أيضًا لعصركم. لكن، أتذكّر طعم حساء الفلوجستون الدّافِئ الّذي كانت تعدّه لنا أمّي في أيّام الشّتاء الباردة، وأُدرك كم خسرنا بسبب كلّ هذا العِلم-عالمكم.
أنا غاضب تحديدًا على نيوتن هذا. تخيّلوني، شابًا مراهقًا عاديًّا بين الكثيرين في أواخر القرن السّابع عشر، وكأيّ شخصٍ آخر، لم أُرد سوى أن أتدرّب على بذل جهود استثنائية كلّ يوم للطّيران على شكل حلقات الرّقم ثمانية في الهواء، من أجل إثارة إعجاب الفتيات. وهكذا فجأة، في يوليو/تموز 1687، أخرجتُ كالعادة الحجارة من جيوب بنطالي، وخلعت حذائي المغناطيسيّ الّذي كان يبقيني على الأرض بفضل كلّ الحديد الموجود في نواة الأرض، انطلقتُ في الهواء و… سقطت!
في اللّحظات الأولى لم أفهم ما الذي كان يحدث معي. اعتقدتُ أنّني ربّما كنت مريضًا؛ لكن سرعان ما اكتشفتُ أنّ الجميع كانوا يسقطون مثلي، وسرعان ما شهدتُ كلّ أنواع التّحوّلات الغريبة. فجأةً، بدأت الأجساد تستمرّ في حالتها، ما لم يتمّ إعمال أيّ قوّة عليها. أتعلمون مدى الإحباط الّذي يشعر به شخصٌ اعتاد على التّباطؤ بشكلٍ طبيعيّ، ثمّ اكتشف فجأةً أنّه بحاجة إلى الاحتكاك لكي يتوقف؟! هذا ولم أذكر لكم بعد ذلك القانون الغبيّ الّذي يقول إنّه إذا لكمت شخصًا ما، فإن وجهَهُ سيُفعِّل قوةً مساوية على أصابعي المسكينة. إنّه لمن غير الممتع القتال بهذه الطريقة!